مقالات

 تعليق على رؤية الدعم السريع للحل الشامل

 تعليق على رؤية الدعم السريع للحل الشامل

بقلم د. محمد عثمان عوض الله

 *السؤال (المركب من سؤالين) الذي نناقشه:*

*هل الدعم السريع مؤهل لتقديم أي رؤية؟.*

 *هل قحت المركزي مؤهلة لتحتكر تمثيل المجتمع المدني؟*.

وتاتى الإجابة عبر التركيز على تناول عدة نقاط على النحو التالي:

🔹 *أولا:ارتكب الدعم السريع جرائم موثقة قل وجود مثيل لها على مدى التاريخ الحديث:* 

1/ القتل، التمثيل بالجثث، طرد المواطنيين من منازلهم، احتلال المنازل واحتلال المستشفيات والمرافق الخدمية والأحياء السكنية وتحويلها الى ثكنات عسكرية ومنصات انطلاق عسكرية، حرق أكثر من 9 اسواق في العاصمة، الهجوم على أكثر من 45 بعثة ديبلوماسية، سرقة أكثر من 63 بنك وفرع بنك، إختطاف النساء من العاصمة وتنقلهن الى دارفور لاغتصابهن وتعذيبهن، نشرهم فيديوهات اغتصابهم للنساء،  إطلاق سراح أكثر من 10 ألف سجين من عتاة المجرمين في جرائم القتل والمخدرات واغتصاب الأطفال، إختطاف المواطنيين والقيادات السياسية والعسكرية والمجتمعية، قتل والي ولاية غرب دارفور والتمثيل بجثته، اختطاف عدد كبير من النساء وما زلن تحت التعذيب والاغتصاب… الخ. 

2/ تمت إدانة هذه الجرائم عالميا وتحميل الدعم السريع المسؤولية عليها، بواسطة كل من الحكومة الأمريكية، الحكومة البريطانية، بعثة الامم المتحدة في السودان، الاتحاد الاوروبي، مجلس حقوق الانسان في جينيف، منظمات حقوق الطفل، منظمة هيومان رايت ووتش، منظمة أطباء بلا حدود، منظمة أطباء حول العالم … الخ. 

3/ تمت إدانة هذه الجرائم داخليا، وتحميل الدعم السريع المسؤولية عليها بواسطة الاحزاب السودانية(الحزب الشيوعي، الحزب الاتحادي الأصل، الحزب الاتحادي الديمقراطي، حزب الأمة بقيادة السيد مبارك الفاضل) وغيرها من عشرات الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني. 

4/ شهادة ملايين الضحايا السودانيين ضد الدعم السريع عن الجرائم التي ارتكبها في حقهم.

5/ لكل تلك النقاط، فان الدعم السريع عبارة عن منظمة إرهابية، يتم الاعداد لملفات كل هذه الجرائم وتقديمها الى محكمة الجنايات الدولية والمحاكم السودانية.

🔹 *ثانيا:الدعم السريع هو من بدأ شن الحرب في الخرطوم:*

1/ شهادة فولكر بيرتس ممثل الأمين العام للأمم المتحدة خلال لقاءه مع مجلة ديرشبيغل الألمانية بتاريخ 4 أغسطس 2023، التي أثبت فيها ان الدعم السريع هو من بدأ الحرب. 

2/ شهادة القيادات السياسية ورؤساء الأحزاب ورؤساء الحركات المسلحة الذين كانوا يقودون الوساطات بين قيادة الجيش وقيادة الدعم السريع(الذين أثبتوا أن عبدالرحيم دقلو، قبيل اندلاع الحرب بسويعات، كان قد اوصد الباب في وجه وساطتهم وصرح لهم أنه سيتم وضع الكلابيش في يد البرهان ومعاونيه). 

3/ قرائن الأحوال المثبتة، والتي حدثت قبيل اندلاع الحرب(تحركات آلاف الجنود والاف عربات الدعم السريع الى مطار مروي، مطار الخرطوم، المدينة الرياضية، القيادة العامة للجيش … الخ. وغير ذلك من ترتيبات الاستعداد للحرب، زيادة عدد الجنود من 20 ألف الى 120 الف، و استيراد الأسلحة مثل الطائرات المسيرة ومضادات الطائرات وغيرها). 

 فالدعم السريع هو الذى بدأ الحرب واشعلها  ويتحمل المسؤولية كاملة عنها وعن نتائجها.

🔹 *رابعا: الشراكة السياسية بين قحت المركزي والدعم السريع:*

1/ أوضح حميدتي في أول اتصال له بعد الحرب، مع قناة الحدث، بأنه شن الحرب لثلاثة أهداف وهي قتل البرهان، تطبيق الاتفاق الإطاري، تسليم السلطة لقحت المركزي. كما أوضح نصا: (أن الاتفاق الإطاري هو سبب هذه الحرب. وأنه ليس وحده وانما تقف معه وتدعمه قحت المركزي).

2/ في لقاءه مع مجلة ديرشبيغل الألمانية بتاريخ 4 أغسطس 2023 كال ممثل الأمين العام للأمم المتحدة فولكر بيرتس، الاتهامات للشركاء المحليين (قحت المركزي) والدوليين (الرباعية والثلاثية والثنائية)، وذكر انهم لم يستطيعوا تقدير الموقف قبل اندلاع الحرب تقديرا صحيحا، ولو قدروه لكان في امكانهم منع اندلاع الحرب لذا فانهم يتحملون جزء من المسؤولية.

3/ ذكر خالد سلك أن مشكلة الدمج كانت المعضلة الرئيسية. اقترح الجيش أن تتم في فترة قصيرة وتحت الضغط وافق أن تكون سنتين ويخضع خلالها الدعم السريع تحت سلطة القائد العام للقوات المسلحة. اقترح الدعم السريع 22 سنة. بينما اقترحت قحت 10 سنين ويكون الدعم السريع غير خاضع لسلطة القائد العام للقوات المسلحة. من هذا المقترح يثبت بوضوح انحياز قحت المركزي لرؤية الدعم السريع للدمج وهي عبارة قنبلة موقوته تتحمل قحت المركزي المسؤولية عن انفجارها في يوم 15 أبريل. 

4/ بعد اندلاع الحرب، لم تستطع قحت المركزي إدانة الدعم السريع عن كل الجرائم التي ارتكبها(بل طالبت بالحفاظ عليه واشراكه في العملية السياسية وبعد أن جمع بينهما تحالف الوثيقة الدستورية الاولى والمعدلة، ثم تحالف الاتفاق الإطاري، الان يجتمعان معا في أديس أبابا ويتبنى كل منهما رؤية الاخر، ويطرحانها للرأي العام وفي الإعلام بذات البنود والحلول والمقترحات).  

5/ الدعم السريع في جوهره هو قوة عسكرية، كان تابع للقوات المسلحة، وهو ليس بحزب سياسي، ولا حركة عسكرية مناطقية، بل وحتى الحل النهائي المقترح منه يوصي بدمجه في القوات المسلحة. إذا بهذه الصفات فان الدعم السريع ليس مؤهلاً لتقديم اي برامج سياسي. ولكن الثابت الصحيح هو أن قحت هي الجهة الوحيدة التي أدخلته في عالم السياسة وهي من كونت معه الشراكات السياسية وهي الان تريد أن توظف بندقيته العسكرية كرافعة تقدم رؤيتها السياسية من خلالها.

🔹 *خامسا:بنود الرؤية السياسية المشتركة بين قحت المركزي والدعم السريع:*

1/ القفز فوق جرائم الدعم السريع وعدم تحميله المسؤولية عنها. 

2/ ادماج الدعم السريع في الحياة السياسية والعسكرية التي تحدد مستقبل السودان. 

3/ القفز فوق تجربة قحت المركزي في الحكم خلال الفترة السابقة منذ العام 2019 وماصاحبها من فشل سياسي واقتصادي وأمني شامل وعمالة كاملة واستغلال للنيابة وتغييب متعمد للمحكمة الدستورية .. الخ. من بعد كل ذلك منحها فرصة أخرى للحكم دون أي تفويض انتخابي. 

4/ اعتبار قحت المركزي هي الممثل الرئيسي للمجتمع المدني السوداني.

5/ بناء سودان جديد وفق رؤية قحت المركزي. كما قال نصا : (نحن وحدنا من نهندس العملية السياسية ونحدد للأطراف الأخرى الأدوار التي تقوم بها والزمن المناسب).

6/ التضليل الإعلامي والتسطيح الشعبي وسرقة المصطلحات وافراغها من مضمونها واستخدامها وفق رؤية قحت الأحادية وتنفيذها بانتقائية.

7/  تجاوز مهام الفترة الانتقالية وإستغلالها لمعالجة قضايا ذات طبيعة غير انتقالية.

8/ عزل حزب المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية وواجهاتهما عن الحياة السياسية والمجتمعية، وتفكيكهما ومصادرة ممتلكاتهما وطرد عضويتهما من المؤسسات العامة والخاصة وتكوين لجنة وقانون ومحاكم خاصة لهذا الغرض. 

🔹 *سادسا: الدمج و الإقصاء:*

من اللافت جدا في رؤية قحت المركزي والدعم السريع المشتركة هو دمج الدعم السريع في القوات المسلحة وفي الحياة السياسية، رغم جرائمه التي مايزال يرتكبها، مقابل عزل قادة التيار الإسلامي العريض بحجة الجرائم والفساد، رغم أن المحكمة العليا قد قالت حكمها في كل القضايا المرفوعة ضد قياداته، وهو حكم نهائي وفق قانون التفكيك نفسه. اذاً ماهو معيار العزل؟ هل هو ارتكاب الجرائم؟ وهل هنالك في التاريخ البشري كله جرائم أكثر بشاعة واكثر عددا من التي مايزال يرتكبها الدعم السريع؟ هل معيار العزل السياسي هو الغضب الشعبي وكراهية الجماهير للفئة المعزولة؟ ألم تطرد الجماهير كل قيادات قحت المركزي من محطة 7 و باشدار والشهداء امدرمان؟ ومن بيوت العزاء؟و من المساجد؟. 

الم تطوق الجماهير اجتماع قاعة الصداقة؟ واجتماع مجلس الوزراء وتقصفه بالحجارة؟ 

الم تحصب الجماهير قيادات قحت في عطبرة وفي ولايات دارفور؟ 

الم تجبن قحت المركزي عن اقامة اي مخاطبة جماهيرية خلال السنتين الأخيرتين؟ 

الم يغلق خالد سلك في وجه الجماهير حتى صلاحية كتابة التعليقات والردود على منشوراته في وسائل التواصل الاجتماعي؟ بالمقابل فان التيار الإسلامي العريض ظل يقيم مناشطه الجماهيرية وزياراته ومؤتمراته ومختطباته واستنفاراته الولائية، بانتظام وحيوية وقبول شعبي واسع(كما تفعل بعض القوى السياسية) عدا قحت المركزي التي ظلت معزولة ومطرودة شعبيا عزلا تاما، طيلة السنتين الأخيرتين. 

🔹 *سابعا:وجهة نظر الشعب السوداني في الرؤية المشتركة لكل من قحت المركزي والدعم السريع:*

 هذه الرؤية هي استمرار لنفس ما جاء في الوثيقة الدستورية وفي الاتفاق الإطاري. هي نفسها الرؤية قبل اندلاع الحرب والتي أدت في النهاية الى اندلاعها. 

هذه الرؤية مرفوضة من قبل كل من: حزب الأمة بقيادة السيد مبارك المهدي، الحزب الاتحادي الأصل بقيادة مولانا محمد عثمان المرغني، الحزب الاتحادي الديمقراطي بقيادة د. إشراقة سيد، الحزب البعث بقيادة محمد وداعة الله، تجمعات سياسية وأحزاب أخرى وحركات مسلحة على راسها بروف التيجاني السيسي، د. فرح عقار، اركو مناوي، د. جبريل ابراهيم، د. مهندس ابراهيم مادبو، د. محمد جلال هاشم … الخ. كما وتقف ضدها شخصيات قومية على رأسها د. الوليد مادبو، عبدالعزيز بركة ساكن، بروف عبدالله علي ابراهيم، د. أمجد فريد، سندريلا فاروق كدودة، وكثير من الصحفيين المعروفين( د. مزمل ابوالقاسم ، محمد محمد خير،  عادل الباز… الخ). 

🔹 *سابعا: الإدعاء والسرقة السياسية:*

ليس من الحكمة أن تغمض قحت المركزي عينيها عن الحقيقة وتستمر في نفس سياسة الإدعاء والتضليل الذاتي وتتوهم بأنها الممثل الرئيسي للمجتمع المدني السوداني. لن تفلح محاولاتها في سرقة صوت المجتمع المدني كما فشلت حين سرقة ثورة ديسمبر فافشلتها. ان الفشل المتراكم لقحت المركزي واصرارها العنيد بالاستمرار في ادعاءاتها هي هدية كبيرة تقدمها قحت المركزي الى حزب المؤتمر الوطني وهو وحده المستفيد منها سياسيا ومعنويا. 

رغم الخسائر الفادحة والجرائم الفظيعة التي تقع على رؤس الشعب السوداني بسبب تقديرات قحت المركزي الخاطئة حسب شهادة فولكر بيرتس.

🔹 *خاتمة*

ان كانت قحت المركزي صادقة في سعيها لحل الاشكالات السودانية، فعليها اولا ان تتواضع، ولا تتحدث عن الاقصاء، ولا عن احتكار تحديد الاجندة والفئات التي ستسمح لها او تمنعها في المشاركة. وعليها ان تترك هذا المجهود لجهات أخرى اكثر مصداقية ومقبولية وحيادية وجدارة. لقد مرت خمسة سنوات من عمر الفترة الانتقالية ويجب أن تتوجه القوى السياسية الى الجماهير لتحديد من يمثلها عبر صناديق الانتخابات لا عبر القاعات المظلمة لعقد الصفقات المشبوهة.

انضم الان: ST Online

#st_online

#sudan_news

#السودان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *