معركة استعادة السيادة الوطنية هي الوجه الآخر لمعركة الديمقراطية في سودان ما بعد الإنقاذ. فلا ديمقراطية في ظل غياب السيادة الوطنية؛ فإذا كانت الديمقراطية تعني سيادة إرادة الشعب فإن التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي هي النقيض من ذلك.
كل التدخلات الخارجية في الشأن السوداني بعد سقوط الإنقاذ كانت باسم الديمقراطية (بل ولا حتى الديمقراطية وإنما باسم المدنية وتسليم السلطة لقوى بعينها) ولكن هذه التدخلات كانت ضد إرادة الشعب وتعمل على فرض رؤى سياسية من الخارج. الاتفاق الإطاري هو أوضح نموذج، وهو ما أوصلنا إلى هذه الحرب.
باسم الثورة والمدنية جرى تغييب إرادة الشعب السوداني وفرض حلول إقصائية تقسم السودانيين وتستبعد الأغلبية لمصلحة وكلاء الخارج. وظلت هذه التدخلات الخارجية هي العقبة الأساسية أمام التوافق الوطني السوداني الشامل.
وبعد هذه الحرب وكل المآسي التي ترتبت عليها، مرة أخرى ستعمل نفس القوى الخارجية وبنفس الطريقة والآليات على فرض نفس الأقليات العميلة على الجيش وعلى الشعب السوداني باسم القوى المدنية. فكلنا رأينا وتابعنا دعوات إشراك المدنيين في المفاوضات بين الجيش والمليشيا المتمردة، والهدف واضح، وهو مواصلة نفس المشروع القديم، مشروع السيطرة والاستتباع وتهميش جموع الشعب السوداني التي هبت لنصرة قواتها المسلحة وكأنها غير موجودة، وكذلك تهميش كل القوى الوطنية الأخرى من أحزاب ومكونات تقليدية.
لابد من هزيمة هذا المسعى واستعادة القرار الوطني ليكون قراراً سودانياً خالصاً يجمع السودانيين ويوحدهم لا يفرقهم ويشتتهم. لا نريد أن مرة أخرى اللؤم والبجاحة وقد تجسدا في جعفر حسن وكمال عمر كمنوذجين وهما يتكلمان عن الاتفاق الإطاري وتطبيقه رغم أنف الجميع، ولا نريد أن نرى فولكر آخر يحدد لنا من هم “أصحاب المصلحة” ومن يحق لهم المشاركة في الشأن السياسي السوداني، ولا نريد آليات ثلاثية، رباعية أو سباعية تتدخل في الشأن السوداني. نريد آلية وطنية بإرادة وطنية خالصة لجمع وتوحيد السودانيين وهذا ممكن.
الشعب السوداني صبر وصابر ورابط؛ ساند جيشه وفي كامل الاستعداد لبذل المال والأنفس والارواح في معركة الكرامة. وخرج من قبل في ثورة ديسمبر وقدم التضحيات على أمل الحصول على الحرية والعدالة ولكنه لم يحصل إلا على “الحرية والتغيير” أتعس وأخيب تحالف في تاريخ السودان. هذا الشعب يستحق الأفضل هذه المرة، ويجب عليه أن يحصل ذلك بيده. هذا الشعب الذي يستنجد به الجيش ليحمل السلاح ويدفع عن نفسه، هو الذي يحمي هذا الجيش، وهو الذي يدافع عنه، لا العكس. هذا الشعب يجب أن تُسمع كلمته من الآن وصاعداً، وأن تكون هي العليا.
https://www.facebook.com/sudanytv
https://t.me/joinchat/2F84hiRu_tEzMDA8
https://twitter.com/TvSudany
https://sudanytv.com/