مقالات

عزت وسلك .. الصوت والصدى

من يقرأ مقال المهندس خالد عمر يوسف بعنوان ( ‏السودان .. ماذا جنينا في ٦٨ عاماً من ال “‎بل بس” ؟ ) سيجده عبارة عن صدى أو تلخيص للمقال، الفضفاض المليء بالثرثرة والحشو، الذي كتبه مستشار الدعم السريع يوسف عزت بعنوان ( بين الثورة والسكين “جنجويد”) وسيجد فيه التأكيد على صحة الافتراض الأساسي الذي قام عليه مقال المستشار ، وهو أن الدعم السريع “حركة كفاح مسلح” ضد “ظلم وتهميش” الدولة، ويجب التفاوض معها والاستجابة لمطالبها وعدم مواجهة سلاحها بالسلاح .

ختم م .خالد عمر مقاله بتكملة مقال المستشار يوسف عزت باقتراح للحل “الجذري” يقوم على ( السيادة، تعبير الدولة عن جميع “الأقوام”، نبذ الإقصاء والهيمنة، جيش مهني وقومي واحد، لا علاقة له بالسياسة، يلتزم بحماية الوطن من المهددات الخارجية، الالتزام بالديمقراطية )

▪️الحل المقترح لا يخاطب الانشغالات الحقيقية للدعم السريع، بل إن الدعم السريع هو العقبة الأكبر أمام الجيش الواحد، والبائع الأول للسيادة، والذي كان ينظر للديمقراطية كنكاية ( ضُر ) في الأحزاب الصغيرة التي تحالف معها مؤخراً، وهو القوة المسلحة الأقل قوميةً ومهنيةً، والأكثر انغماساً في السياسة وفي التمييز بين القوى السياسية بتأييد، بل بتشجيع، قحت المركزي !
▪️إذا بحثنا عمن حوَّلوا ( الحل في البل ) و ( بل بس ) إلى ترندات وهاشتاقات ونهج ثابت ووحيد للتعامل مع الخصوم سنجد أنهم جماعة خالد عمر، وسنجد أنهم قد طوروا طريقة لتلقينه للجماهير ليقوموا بتكراره ببغائية عبر السوأل الإيحائي ( والحل في شنو ؟ ) الذي ينتظر الإجابة ( في البل ) !
▪️محاولة الانقلاب الفاشلة نفسها هي، على عكس ما يقول المقال/الصدى، تطبيق عملي لشعار ( الحل في البل )، ليس في مواجهة الدولة فقط، بل في مواجهة المواطنين أيضاً، وتواطؤ خالد عمر ومجموعته مع التمرد نبع أصلاً من فرضية أن الدعم السريع يتبنى ذات النهج ( البلِّي ) في التعامل مع الخصوم السياسيين، وأنه يملك قوة السلاح التي تجعل “البل” أكثر جذرية ونجاعةً وتحقيقاً للمراد !
▪️ القتل والاختطاف والتخريب الواسع للمؤسسات العامة والخاصة واحتلال المرافق الخدمية، ونهب الأسواق والبنوك، واحتلال منازل المواطنين ونهبها .. إلخ، كل هذه أعمال بلية/ إجرامية يجب التعامل معها بالحسم في أي دولة محترمة، ولو كان خالد عمر يملك تصوراً لأساليب ناجعة للتفاوض مع الجماعات الإجرامية الإرهابية تؤدي إلى إيقاف إجرامها/إرهابها فليكتب عنها، وهذا سيكون حلاً أكثر عمليةً من التعامي المتعمد عن هذه الجرائم واقتراح حلول لا تخاطب جذور المشكلة عند الدعم السريع، ولا جذور مشكلة الدولة والمواطنين مع الدعم السريع .
▪️ شعار ( لا للحرب ) يستخدمه خالد عمر وكل مجموعته بطريقة تصور الأمر وكأن الدولة هي التي شنت الحرب على الدعم السريع لا العكس، ولهذا تجدهم، في كل بياناتهم، ومقالاتهم، وتصريحاتهم، يلومون الجيش ومناصريه، ويوحون بأن الدعم السريع ومناصريه ضحايا لتنمر حكومي، وحتى شعبي !
▪️ عدة شهور من التحالف مع الدعم السريع كانت كافية لتغيير نظرة خالد عمر للدعم السريع من ( ظاهرة معقدة مهددة لوجود البلد نفسها ) إلى عنصر توازن عسكري والانتصار عليه ( سيهمش الأدوار المدنية ) كما جاء في إحدى تغريداته !
▪️ أيضاً أدت شهور التحالف إلى الانتقال من النظر إليه كحركة أسرية: ( الدعم السريع ما حق السودان، ما حق الدولة، حق حميدتي وأخوه ) إلى النظر إليه كحركة “كفاح مسلح” مشروع ضد دولة “ظالمة” يجب عليها أن تستجيب لمطالبه، رغم إنها ذات الدولة التي مولته وأعطته أعلى الرتب، وزادته كيل عطايا بعد انقلاب اللجنة الأمنية .
▪️وأدت هذه الشهور من التحالف إلى الانتقال من القول ( أول جهة يجب أن تُدمَج في الجيش، قبل الحركات، هي الدعم السريع ) إلى التواطؤ مع الدعم السريع ودعم موقفه المطالب بعشر سنوات للدمج، والتي تعني، عملياً، رفض الدمج، والانتقال إلى عطايا أكبر لحركة الأسرة كثمن لتحالفها مع أحزاب المركزي !

لا يختلف اثنان في أن هذه الفترة الانتقالية، بتقلباتها، هي الأفشل في تاريخ السودان . المسبب الرئيسي لذلك، في تقديري، هو أن الأحزاب التي تصدرت المشهد همشت كل الأسئلة الحقيقية وكرست كل جهدها النظري والعملي للإجابة على سؤال تعتبره وجودياً بالنسبة لها : كيف يمكن لأصحاب الوجود ( السطحي ) في المجتمع السوداني أن يجروا تغييراً ( جذرياً )، يتأسس على ما يعلمون أنه علة سطحية وجودهم، وعلى ما يثقون بأنه سوف يسقط في أي انتخابات حرة نزيهة . والإجابة كانت خليطاً من التهرب من الانتخابات وإطالة أمد الانتقال، واستجلاب بعثة وصاية أممية تحمل أجندة التغيير “الجذري” المعاكس للرغبات الشعبية، وإعطاء السفارات – المنحازة للسطحيين الراغبين في التجذر – أدواراً كبيرة في سياسة الشأن السوداني، والتحالف مع الميليشيا الأسرية ، وتشجيع صراعها مع الجيش، وتشجيع تبنيها لموقف سياسي خاص بها، ومخاطبة مطامعها في االسلطة، وإبداء الاستعداد لخدمتها .

إبراهيم عثمان

https://www.facebook.com/sudanytv
https://t.me/joinchat/2F84hiRu_tEzMDA8
https://twitter.com/TvSudany
https://sudanytv.com/

sudany_tv

sudan_news

السودان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *